لا تطأوا ما لا يحق لكم


✍️ عصماء بنت محمد الكحالية
يا هذا الذي يركض وراء السراب،
تظنّ أنّ مباهاتك بالمعصية وسام،
كأنّ كل قلبٍ تلمسه لعبةٌ، وكل دمعةٍ مجرد زخرفة عابرة،
ولا تدري أنّ كل قلبٍ مخدوع يحمل وراءه أبًا سهر على تربيتها،
وأمًا زرعت في روحها الحياء،
وأخوةً يرون فيها زهرةً في بستانهم لا يُسقى إلا بماء الطهر.
وأنتِ أيتها الفتاة،
لا تظني أن العاطفة وحدها تكفي،
فالقلب بلا عقل كقاربٍ بلا مجاديف،
يتأرجح بين أمواج الشهوة، ويغرق بلا منقذ،
ليست كل كلمةٍ عذبة صادقة،
وليس كل ابتسامةٍ حانية تعني وفاءً،
ولا كل وعدٍ مُعسول حقيقته إلا مراوغة للهوى.
شباب هذا العصر،
تذكّروا أنّ البيوت لا تُفتح إلا من أبوابها،
وأن الطرق الملتوية، وإن رضيتُم بها على بنات الناس،
ستطرق أبوابكم يومًا، كما تطلب العدالة من الزمان.
واعلموا أنّ وسائل التواصل لم تُخلق للهوى،
بل للعلم، والفكر، والمشاركة المفيدة،
فلا تجعلوها حلبةً للغواية، ولا منصة للغرور الفارغ،
ولا ساحةً لتفريغ الرغبات العابرة،
فالهوى ساعة، والسمعة عمر.
ارتقوا قليلًا،
فالرجولة خُلق، والأنوثة كرامة، والحياة أوسع من لهوٍ عابر،
وكل قلبٍ تُسحق مشاعره يترك أثرًا لا يمحوه الزمن،
وكل زهرة تُقطف بلا احترام تُذبل قبل أوانها.
تذكّروا أنّ السمعة تاجٌ لا يُشترى بالمال،
ولا بالحديث المعسول، ولا بوميضٍ عابرٍ في عيون لاهية،
بل تحفظها الحكمة، والاحترام، والصدق في القول والفعل،
وتُصان بالنية الصافية والروح الطاهرة.
ادخلوا البيوت من أبوابها، واحفظوا القلوب كما تحبون أن تُحفظ لكم،
فما الحياة إلا مرآة، تعكس لكل قلبٍ صادق صدى كرمه،
ولكل غادرٍ أثر خزيه،
فارتقوا بالروح قبل الجسد، واحملوا في أعماقكم نورًا لا يطفئه زيف العصر،
ولا تجعلوا لهو الساعة يقتل بستان الطهر الذي زرعه آباؤكم.