Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
المقالات

مدارس المدينة المنورة تستشرف المستقبل بمدن التعلم

منى يوسف حمدان الغامدي

منى يوسف حمدان الغامدي

بالأمس القريب، حضرتُ ورشة عمل (عن بُعد) نفذها قسم التعليم المستمر ضمن خطة العمل المعتمدة من الإدارة العامة للتعليم بمنطقة المدينة المنورة، بهدف نشر الوعي المجتمعي في الميدان التعليمي وبين كافة أفراد المجتمع في المدينة النبوية المباركة، وكانت تتحدث عن خطة عمل مدن التعلم.

توقفتُ كثيرًا عند ختام الورشة التي أدارها رئيس القسم الأستاذ سلطان النزهة، وما تخللها من كلمات ملهمة للأستاذ مالك كرسوم، المشرف التربوي بالقسم، جعلتني حريصة كل الحرص أن أسطر هذه الكلمات ليقرأها ويعيها كل من يعيش بجوار النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

نحن في المدينة المنورة، في مدينة مقدسة عظيمة مباركة، منها انبثق النور المحمدي والرسالة الخاتمة من رب كريم. ونحن في ميدان التعليم تحديدًا اصطفانا الله لرسالة عظيمة وأمانة كبيرة، وفي المدينة تكون الأمانة مضاعفة.

قال الأستاذ مالك كلمة لامست القلب والروح: «المدينة هي من ستضيف لمعايير اليونسكو كمدينة تعلم، لها تاريخ عريق تهتدي بالسنة النبوية ومنهج محمد صلى الله عليه وسلم الذي علمنا وعلم البشرية سبيل الرشاد والطريق الحق لنيل رضا رب العالمين».

فبوركت هذه العقول وهذه الهمم، وبارك الله في عمل يُبتغى به وجهه الكريم ونيل رضوانه.

دوماً، استحضار النعم يفتح لنا المزيد من البركة.

لكل منسوبي التعليم، استشعروا هذه النعمة وعيشوا هذه اللحظات المباركة المعدودة من عمر الزمان، واعملوا العقول بكل حب وانتماء لغرس القيم الإسلامية، وعززوا الأخلاق في نفوس النشء مع اعتزاز كبير بوطن عظيم.

وكلما توحدت جهودنا من أجل هذا الجيل ليكون محصنًا فكريًا وعقديًا وإيمانيًا، لن يستطيع أحد أن ينافسنا في مخرجاتنا التعليمية. ومن واقعٍ عشته وما زلت – ولله الحمد – أعيشه وأتنفس هواء المدارس الذي يشعرني بمعنى الحياة الحقيقية مع هذا الجيل الذكي، الذي يقبل عليك بقلبه وعقله وروحه إذا استشعر معك الأمان ووجد عندك ضالته التي يبحث عنها.

الطالب اليوم لا يريد معلومة سُطرت في كتاب، أو كلمات يتفوه بها معلم في حصة مدتها خمس وأربعون دقيقة. هو يريد من يغذي روحه ويملأ وجدانه، ومن يكون أمامه قدوة حقيقية تمشي على الأرض، يتحدث معه بلغة يفهمها، وبكلمات نابعة من القلب، فما يخرج من صميم القلب يصل إلى أعماق الروح.

ما زالت تلك الطالبة كيان المحمدي في الصف الثالث الابتدائي العام الماضي، حين تحدثت معي والدتها عن رغبتها في اكتشاف موهبتها وإتاحة الفرصة لها. ورغم أنني لست معلمة، بل وكيلة تحمل همًا وطنيًا كبيرًا وأمانة في عنقها، فقد تبنيت تلك الطالبة وبدأت بالإذاعة المدرسية، وتمكنت من مواجهة منسوبات المدرسة باقتدار.

وما هي إلا أيام حتى أقمت أمسية وطنية بمناسبة يوم التأسيس – بالشراكة مع الشريك الأدبي في المنطقة التاريخية بينبع – للحديث عن منجزات وطن عظيم وتاريخ مجيد عريق، بصفتي الكاتبة الوطنية ومشرفة مركز التواصل الحضاري.

تواصلت أم الطالبة – وهي معلمة – وأبدت رغبتها في مشاركة ابنتها معي في هذه الأمسية خارج الدوام، فوافقت، وجعلت تلك الطفلة بزيها التراثي الوطني الأخضر، وتلك الهامة على رأسها، وبكل شموخ سعودي تلقي قصيدتها الوطنية في محفل كبير.

وبعد أن انتهت، همست في أذني بكلمات لن أنساها ما حييت:

«أستاذتي، أنتِ جعلتِ ثقتي لا حدود لها. اليوم أنا فخورة بنفسي، وأمي وأبي وإخوتي فخورون بي. أصبحت أحب مدرستي أكثر لأنها هي من جعلتني اليوم بهذه الشخصية».

هذه القصة القصيرة لحدث حقيقي، ويوجد مثلها الكثير في الميدان التعليمي، فهي تمثل مخرجاتنا وهويتنا الوطنية التي تحقق معايير مدن التعلم برائحة الورد والنعناع والهواء المديني والتربة المباركة الطيبة.

معًا، لنجعل تعليم المدينة المنورة بقيادة سعادة المدير ناصر العبدالكريم، ومن يعملون معه من الرجال والنساء المخلصين، نموذجًا يحتذى به في إنجازات نوعية تستحق التكريم والإشادة.

المهم هو العمل الجماعي بروح الفريق واستشعار الأمانة، وكلما كنا أكثر قربًا ومعية مع الله، كان الله معنا، يلهمنا ويقوينا ويعيننا، ويفتح علينا فتوحًا عظيمة ويسدد خطانا.

ولا يكن همنا فقط توثيقًا ورقيًا، بل إنجازًا حقيقيًا على أرض الواقع في مخرجٍ تعليميٍ منافس، متسلحٍ بالدين، معتزٍ بالوطن، متفوقٍ في دراسته، ليكون من رواد المستقبل في كل المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى