رصاصة النهاية


✍️خليفة سالم الغافري
بين موافقتها على الزواج وزواجها برجل آخر، امتدت ثلاث سنوات. كانت روحي تتآكل خلالها ببطء، كشمعة تذوب تحت وطأة انتظار كاذب. لم أدرِ هل كنت أنا من سقط، أم أنها سقطت من بين يدي؟ لكنني أيقنت أن سنواتي الحقيقية لم تكن سوى تلك التي قضيتها في حب ظننته ملاذًا، فإذا به يتحول إلى هاوية.
في البداية، كانت الخلافات عابرة، كغبار خفيف يعلو الأفق بعد يوم عاصف، سرعان ما ينجلي. زعل بسيط، عصبية مؤقتة، ثم انقطاع يسبقه وعد بالعودة. كنت أتحمل تقلب مزاجها، أبرر غيابها، وأمنّي نفسي بأن الحب قادر على تجاوز الزلات. لكنها، على النقيض، كانت تبني بيننا جدرانًا خفية، حتى وجدت نفسي فجأة على الجانب الآخر من قلبها، متفرجًا على انسحابي دون أن أملك حق الاعتراض.
حاولت إصلاح الشرخ، لكنها كانت تزداد بعدًا، كأنها تهدم جسر النجاة الوحيد بيننا بإرادتها. وعندما تمسكت بالبقاء، أطلقت عليَّ رصاصة لا تزال تسكن صدري: “لنكن أصدقاء.”
أيمكن للمرء أن يحب صديقته كما أحببتها؟ أيبكي أحدنا الليل شوقًا لصديقته؟ كنت أدرك أنها لا تسعى إلى صداقة، بل إلى دفعي نحو هاوية الغيرة والعجز، وقد نجحت.
غضبت، وقطعت تواصلي معها، لكن القلب لم يتوقف عن السؤال. كنت أكابر، أتوهم أنني تجاوزت، حتى جاء الخبر كصفعة في منتصف الغياب: “تزوجت.”
هكذا إذًا؟ لم تكن تحاول إنقاذ حبنا، بل كانت تمهد الطريق لغيري. شعرت أنني آخر من يعلم في قصة كنت أول أبطالها.
في تلك الليلة، جلست أمام نافذتي أراقب المدينة الهادئة، وأعيد ترتيب سنواتي الثلاث الماضية. هل كنت مخدوعًا أم أنني خدعت نفسي؟ لا فرق… فحين يُغتال الحب، لا يبحث القاتل عن مبررات.
سقطت آخر نجمة من سماء قلبي، وأدركت أن الرصاصة التي أنهت كل شيء لم تكن خبر زواجها، بل كانت حبي لها.