Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
المقالات

همسٌ عند تخوم الرحيل

خليفة سالم الغافري

خليفة سالم الغافري

– مرحبًا بك…
– أهلًا… كيف تمضي بك الأيام؟
– أمضي كما يمضي الغبار فوق الطرقات المهجورة.
– اشتقت إليك كثيرًا.
– حقًا؟
– أجل.
– عجبًا… ومتى كانت آخر مرة رفرف فيها طيفك حولي؟
– لا أذكر… لعلني ضعت بين فوضى أيامي. سامحني، أرجوك.
– لم تكن مسألة تقصير… بل كانت إعادة ترتيبٍ مخططة للأولويات. وكنتُ، ببساطة، خارج خارطتك.
– أتشعر نحوي بالعتاب؟
– لا. العتاب ولاءٌ لا أملكه بعد الآن. ما بيننا بات أقرب إلى الفهم المؤكد، للعبارات التي لا تُقال.
– يملؤني الخجل أمامك.
– لا تخجل… كان مكانك دومًا هناك، بعيدًا، حيث لا تحتاج إليّ ولا تذكرني.
– نحن أصدقاء… والصداقة لا تندثر مع الغياب.
– بل تبهت… حين تثبت الأيام أن الحاجة وحدها كانت سرّ دوامها.
– لا أدري بماذا أرد عليك…
– لا حاجة لأن تتكلم. كنتَ مجرد عابرٍ، يبحث عن مأوى مؤقت، صندوقًا تودع فيه أثقالك ثم تمضي خفيفًا. أما أنا… فقد تعلمت ألا أكون مخزنًا لأحمال الآخرين.
– لست عابرًا في حياتك!
– بل كنت، وظللت كذلك… وحين انفضت الحاجة، انفضّ اللقاء. هذه حقيقة تعرفها جيدًا، لكنها تؤلمك أكثر مما تستطيع الاعتراف به.
– كانت أيامي صعبة… كنتُ غارقًا.
– كلّنا نغرق… لكن البعض لا ينسى أن يمد يدًا واحدة على الأقل صوب الضفة.
– لست بخير… وأشعر أن غضبك يحاصرني.
– لا يهم أن تغضب أو تسكن. أنت تبحث فقط عن صك براءة لضميرك المرتبك.
– رجوتك أن تسامحني…
– ليس الأمر مسألة عفو أو عقوبة. الأمر أنني تعلمت أن لا أطلب الدفء ممن لا يأتي إلا حين يشتد عليه البرد. جئتَ متأخرًا… وأنا لم أعد أنتظر.
– ألا تمنحني فرصة أخرى؟
– الفرص لا تُمنح لمن يصل بعد أن أُغلقت النوافذ وطُويت الطرقات. مضيتَ حين كنتُ أحتاجك، فامضِ الآن حين لم أعد أحتاج شيئًا منك.
– هل هذا وداع؟
– بل هذا بدايةٌ بلاك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى