Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
المقالات

الأسبرين.. الدواء البسيط الذي يفتح آفاقًا جديدة في علاج السرطان

محمد منيع ابوزيد

محمد منيع ابوزيد

دواء القرن العشرين يعود لينقذ مرضى القرن الحادي والعشرين

في خطوة علمية لافتة قد تغيّر ملامح العلاج في علم الأورام، كشفت دراسة سريرية كبرى عن فاعلية الأسبرين – الدواء المعروف منذ أكثر من قرن – في خفض خطر تكرار الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى شريحة محددة من المرضى بنسبة تصل إلى 55%.

الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة “نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين”، قادها باحثون من معهد كارولينسكا ومستشفى جامعة كارولينسكا في السويد، بمشاركة 33 مستشفى في أربع دول إسكندنافية هي السويد، النرويج، الدنمارك، وفنلندا. وقد شملت أكثر من 3500 مريض خضعوا للجراحة وأثبتت التحاليل الجينية لديهم وجود طفرة في مسار الإشارة PIK3، وهي طفرة موجودة لدى نحو 40% من المصابين بهذا النوع من السرطان.

تفاصيل التجربة

أُطلق على الدراسة اسم ALASCCA، وهي أول تجربة عشوائية من نوعها تُثبت أن الأسبرين يمكن أن يُستخدم كعلاج موجَّه بالاعتماد على المعلومات الجينية للورم. حيث تم تقسيم المرضى إلى مجموعتين: الأولى تلقت جرعة يومية منخفضة من الأسبرين (160 ملغ) لمدة ثلاث سنوات، والثانية تلقت دواءً وهميًا. وجاءت النتائج لتؤكد أن الأسبرين قلّل بشكل ملحوظ من احتمالية عودة المرض وانتشاره.

تصريحات الباحثين

الدكتورة آنا مارتلينغ، أستاذة الطب الجزيئي والجراحة في معهد كارولينسكا، وصفت النتائج بأنها “نموذج عملي لكيفية تحويل المعلومات الجينية إلى قرارات علاجية دقيقة وذكية، توفّر الموارد وتُخفف من معاناة المرضى”. وأضافت: “رغم أننا لم نفهم بعد جميع الآليات الجزيئية الكامنة وراء هذا التأثير، إلا أن النتائج تؤكد وجود أساس بيولوجي قوي يدعم اعتماد الأسبرين ضمن خطط العلاج الموجهة”.

أهمية الاكتشاف

يُعتبر سرطان القولون والمستقيم ثاني أكثر أنواع السرطان فتكًا في العالم، حيث يتم تشخيص قرابة مليوني حالة سنويًا، مع نسبة مرتفعة من الانتشار أو التكرار تصل إلى 40%، وهو ما يجعل السيطرة عليه تحديًا كبيرًا. وفي هذا السياق، فإن توفر علاج بسيط ومنخفض التكلفة مثل الأسبرين يمثل بارقة أمل كبيرة للمرضى والأطباء على حد سواء.

مزايا الأسبرين

ما يميز هذه النتيجة أن الأسبرين دواء متوفر عالميًا، آمن نسبيًا، ومنخفض التكلفة مقارنةً بالعلاجات الحديثة للسرطان، مما يجعله خيارًا عمليًا قابلًا للتطبيق في مختلف الدول، وخاصة تلك ذات الموارد المحدودة. كما أن الآلية المحتملة لفاعليته – من خلال تثبيط الالتهاب وتقليل نشاط الصفائح الدموية التي تسهّل نمو الورم – تعزز مكانته كخيار علاجي واعد.

خاتمة

إن ما كشفته دراسة ALASCCA لا يقتصر على فتح باب جديد لعلاج سرطان القولون والمستقيم فحسب، بل يؤكد أيضًا أن العلم قادر على إعادة توظيف الأدوية التقليدية بطرق مبتكرة لمواجهة أعقد التحديات الصحية. الأسبرين، الذي بدأ رحلته كمسكن بسيط للآلام والحمّى، قد يكون اليوم السلاح الجديد في معركة الإنسانية ضد السرطان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى