Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
المقالات

المراجع الداخلي بين الفهم والقيادة المؤثرة

ليلى محمد الهرش مدقق داخلي معتمد (CIA)

ليلى محمد الهرش مدقق داخلي معتمد (CIA)

في ظل التحولات المؤسسية التي تشهدها المملكة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة، تبرز المراجعة الداخلية بوصفها ممارسة مهنية تعيد تعريف العلاقة بين الرقابة والثقة. وحين يتحول الكيان المهني من “جمعية” إلى “هيئة”، فالأمر لا يرتبط بمجرد تغيير الاسم، بل يعكس دلالة تنظيمية أعمق.

فقرار تعديل مسمى الجمعية السعودية للمراجعين الداخليين إلى الهيئة السعودية للمراجعين الداخليين لا يعني مجرد توسعة النطاق، بل يجسد نقلة نوعية في النظرة إلى المهنة باعتبارها ممارسة تستحق الحماية والتطوير والاستثمار. وهو تحول يعكس انتقال المهنة من الهامش إلى قلب المنظومة التنظيمية، لتصبح شريكاً فاعلاً في تحسين الأداء وصناعة القرار.

من المراقبة إلى التأثير

لطالما ارتبطت صورة المراجع الداخلي بدور “المراقب بعد الحدث”، لكن المشهد الجديد يطالبه اليوم بأن يكون أكثر فهماً للسياق، وأقدر على قراءة المخاطر، وأكثر دقة في تقديم الرأي المهني الذي يساعد الإدارة على اتخاذ القرار، مع الحفاظ على استقلاليته وعدم التفريط في دوره.

إطار الكفاءة: من الفهم إلى القيادة

في هذا السياق، تبرز أهمية وثيقة إطار الكفاءة لمهنة التدقيق الداخلي الصادرة عن المعهد الدولي للمدققين الداخليين، والتي تقدم تصوراً متكاملاً لتطور المراجع المهني.

يقسّم الإطار الكفاءة إلى أربع مراحل تبدأ بالفهم الأساسي، مروراً بالتطبيق والتحليل، وصولاً إلى القيادة المؤثرة. لكنه لا يكتفي بتحديد مسار زمني، بل يعيد تعريف الكفاءة باعتبارها ممارسة متعددة الأبعاد تشمل:

  • أداء المهمة بكفاءة،
  • التفاعل مع الآخرين بفاعلية،
  • التأثير في المؤسسة،
  • والتطور المهني المستمر.

فالمراجع الداخلي لا يُعرَّف فقط بمهاراته الفنية، بل أيضاً بقدرته على التواصل، وذكائه التنظيمي، والتزامه الأخلاقي، ووعيه بالسياق الذي يعمل فيه.

الثقافة التنظيمية وصوت المراجع

في بعض المؤسسات، تدار السياسات بما هو غير مكتوب أكثر مما هو مكتوب. وهنا يبرز دور المراجع الداخلي بوصفه صوتاً مهنياً لا يجادل ولا يجامل. فدوره لا يقتصر على فحص الإجراءات، بل يمتد إلى قراءة السياق وتقديم الرأي المستقل الذي يسهم في تحسين الأداء، دون أن يخل بالتوازن الداخلي للمؤسسة.

المراجعة الداخلية: فن الإصلاح من الداخل

المراجعة الداخلية ليست وظيفة تقنية بحتة، بل ممارسة فكرية تتطلب:

  • فهماً عميقاً للمخاطر،
  • إدراكاً للعلاقات التنظيمية،
  • وقدرة على قول ما يجب أن يُقال، دون أن يُفسد ما يجب أن يبقى.

إنها في جوهرها فن الإصلاح من الداخل، بصمتٍ ومن دون ادعاء بطولة.

ضمير المؤسسة

في زمن تُعيد فيه المؤسسات بناء نفسها على أسس الشفافية والمساءلة، يصبح المراجع الداخلي أكثر من مجرد “عين ثالثة”. إنه الضمير المهني الذي يذكّر الجميع بأن الكفاءة لا تُقاس فقط بما ننجزه، بل أيضاً بما نجرؤ على مراجعته

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى