الكتابة


خليفة سالم الغافري
الكتابة، مثل المطبخ، لها أوقاتها ومزاجها.
بعض النصوص تُكتب كما يُخبَز الرغيف؛ عجين بسيط، يُعجن باليدين الدافئتين، ثم يُترك ليستوي على مهل حتى تفوح رائحته. لا عجلة فيه، ولا مجازفة كبيرة، لكنه يحتاج صبرًا هادئًا ومعرفة بموعد إدخاله إلى الفرن وإخراجه.
وبعض الكتابة أشبه بطبخ ذبيحة كاملة؛ عمل ثقيل، يتطلّب نارًا هادئة في البداية، ثم لهبًا قويًا، ويحتاج إلى أدوات كثيرة وأيدٍ متعاونة. فيها عرق، ودخان، وصبر أطول كثيرًا، لكنها في النهاية تُقدَّم على مائدة عامرة لا ينساها من تذوّقها.
وهناك ما لا يحتاج إلا دقائق؛ فكرة خاطفة كفنجان قهوة سريع، أو نص قصير كخبزة على الجمر، يحترق إن تأخرت، ويفقد نكهته إن تُرك ليبرد.
الكاتب، مثل الطاهي، يعرف أن لكل نص وقته، ولكل فكرة حرارة مناسبة، وأجمل الكتابات هي التي تُقدَّم في اللحظة التي تنضج فيها تمامًا.