Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
المقالات

مرض السكري النوع الثاني: وعي، سلوك، وسيطرة

اخصائي صحة عامة فهد المجنوني مثقف سكري معتمد

اخصائي صحة عامة فهد المجنوني مثقف سكري معتمد

يُعدّ مرض السكري من النوع الثاني واحدًا من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا على مستوى العالم، ويرتبط بشكل مباشر بنمط الحياة من حيث التغذية والحركة. ورغم أن السيطرة عليه ممكنة إلى حد كبير، إلا أن غياب الوعي به وبمضاعفاته يحوّله إلى تهديد صامت لصحة الفرد وجودة حياته.

من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع قلة المعرفة بمفهوم “السكر التراكمي” (HbA1c)، وهو التحليل الأساسي لتشخيص السكري عندما تتجاوز نسبته 6.5%. غير أن شريحة واسعة من المرضى لم تسمع بهذا التحليل من قبل. وهنا يظهر أن رفع مستوى الوعي لا يقتصر على المعلومة الطبية، بل يمتد ليشمل تغيير السلوك، وهو المحور الجوهري للوقاية والسيطرة

ما هو السكري من النوع الثاني؟

السكري النوع الثاني هو حالة يفقد فيها الجسم القدرة على استخدام الأنسولين بشكل فعّال، مما يؤدي إلى تراكم الجلوكوز في الدم. غالبًا ما يحدث ذلك نتيجة السمنة، قلة النشاط البدني، التغذية غير الصحية، أو عوامل وراثية. وما يزيد خطورته أنه يتطور ببطء وقد تمر سنوات قبل اكتشافه، حتى يُكشف عبر تحليل السكر التراكمي

السكر التراكمي: المؤشر المنسي

تحليل HbA1c يُعدّ المقياس الأصدق لمستوى السكر، إذ يعكس متوسط معدلاته خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لا لحظة الفحص فقط.

  • النسبة الطبيعية: أقل من 5.7%
  • ما قبل السكري: من 5.7% إلى 6.4%
  • سكري مؤكد: 6.5% أو أكثر

إلا أن المشكلة تكمن في ضعف المتابعة، إذ يهمل كثير من المرضى هذا التحليل رغم أنه يُمثل البوصلة الأساسية للسيطرة على المرض

بين الاستخدام والتخزين: صورة مبسّطة

يمكن تبسيط المفهوم بأن السكر غير المستهلك في الجسم يتحول إلى عبء متراكم، مثل فائض في مخزن لا يجد من يستخدمه. وعندما يغيب النشاط البدني، يظل الجلوكوز في الدم، ومع مرور الوقت يتسبب في إنهاك الأعضاء. لذا، فإن الرياضة ليست رفاهية، بل وسيلة أساسية لاستهلاك السكر ومنع تراكمه

تغيير السلوك: من الإنكار إلى الالتزام

تؤكد “نظرية تغيير السلوك” أن الاعتراف بالمشكلة هو بداية الحل. وتمتد مراحل التغيير من الوعي بالمشكلة، مرورًا بالرغبة في التغيير، ثم اتخاذ القرار والعمل، وصولًا إلى الاستمرارية والوقاية من الانتكاسة. هذه الخطوات تساعد المريض على الانتقال من مرحلة الإنكار إلى مرحلة الالتزام

من أرض الواقع

في عيادات التثقيف الصحي، يتضح أن أغلب المرضى لا يعرفون معنى نتائج HbA1c رغم خضوعهم للتحليل. والسبب أن ضغط العمل على الأطباء يحرمهم من وقت كافٍ لشرح التفاصيل. وهنا يأتي دور التثقيف الصحي في تبسيط الأرقام، توضيح المخاطر، وتحويل المعرفة إلى خطة عملية قابلة للتنفيذ

رؤية المملكة 2030: الوقاية قبل العلاج

وضعت رؤية المملكة 2030 أسسًا جديدة لقطاع صحي يركّز على الوقاية أولًا. ويُعتبر الحد من انتشار الأمراض المزمنة مثل السكري أحد أعمدة برنامج تحول القطاع الصحي، من خلال تعزيز نمط الحياة الصحي وتوسيع نطاق الرعاية الأولية. هذا التوجه يتماشى مع دور التثقيف الصحي الذي يمكّن المريض من إدارة مرضه عبر المعرفة والسلوك الواعي

المضاعفات الصامتة

ترك السكري دون متابعة قد يقود إلى:

  • اعتلال شبكية العين وفقدان البصر
  • قصور الكلى والفشل الكلوي
  • مشاكل الأعصاب والتنميل وفقدان الإحساس
  • أمراض القلب والشرايين بما فيها الجلطات

ومع ذلك، تبقى هذه المضاعفات قابلة للوقاية بالتحكم في السكر التراكمي

ثلاثية السيطرة

السيطرة على السكري تقوم على ثلاثة أعمدة أساسية:

  1. المتابعة الطبية والعلاج: مراجعة الطبيب كل ثلاثة أشهر.
  2. النشاط البدني: 150 دقيقة أسبوعيًا على الأقل.
  3. الغذاء المتوازن: تقليل السكريات والنشويات البسيطة

السكري من النوع الثاني ليس مجرد مرض، بل رسالة يوجهها الجسم بضرورة إعادة النظر في أسلوب الحياة. الوعي والمعرفة هما الخطوة الأولى، بينما السلوك هو الفعل الحاسم. ومع الالتزام بالعلاج، الرياضة، والغذاء الصحي، يمكن تحويل السكري من تهديد صامت إلى تجربة تُعلّمنا الانضباط، وتمنحنا حياة أكثر توازنًا وجودة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى