عاصفة هزت كياني


بقلم: زينة سليم سالم البلوشي
هبت عاصفة قوية كادت أن تطيح بي، لكنها وجدتني واقفة أقاومها. رغم قوتها، حاولت الصمود مرارًا وتكرارًا كي لا أسقط، لكنها جاءت في وقت لم أكن فيه مستعدة للمواجهة. بلا سابق إنذار، عصفت بي بشدة حتى شعرت أن قدمي لا تقوى على الثبات، وأن مواصلة الطريق باتت مستحيلة.
كم هي غريبة هذه الحياة، تجعلنا نمر بلحظات تفوق طاقتنا، ولا نملك حيالها أي قرار، وكأنها تختبر صبرنا وقدرتنا على الصمود: هل سنكافح لنواصل، أم سنستسلم دون مقاومة؟ هبت العاصفة وجعلتني أشعر أنني مجرد ورقة تتلاعب بها الرياح. ظننت للحظة أنني سأسقط، وها قد سقطت بالفعل. شعرت أنني مبعثرة، أنني فقدت توازني، ولم أعد أعرف كيف أنهض مجددًا. كانت العاصفة تشتد في كل لحظة، تسلبني سعادتي وآمالي وأحلامي وكل ما كان يومًا جميلًا، وأحاطت بي الذكريات من كل جانب، وكأنها تحاول انتشالي مما أنا فيه.
بعدما هدأت العاصفة، ظننت أنني لن أقوى على النهوض مجددًا، وأن لا شيء سيعود كما كان. لكنني أدركت لاحقًا أن العواصف التي تأتي بلا سابق إنذار لا تهدف إلى تدميرنا، بل تأتي لتعيد تشكيلنا بطريقة جديدة، أقوى وأجمل.
وها أنا اليوم أقف بكل شموخ وثقة، أشعر وكأنني إنسانة قوية لا يهزمني شيء. تعلمت أن هناك عواصف وهزات تأتي بكل قسوتها، لا لتهزمنا، بل لتكشف لنا حقيقتنا، لنتعلم كيف نواجه، كيف نستمر، وكيف نرى أنفسنا بشكل أعمق وأوضح. هي عواصف تزيل عنا الكثير من الأحزان والهموم، رغم أننا في بدايتها نشعر أننا نسقط بلا قدرة على النهوض، لكن بطريقة لا إرادية تولد في داخلنا قوة غريبة لا نعرف مصدرها، تدفعنا إلى المقاومة، وتجعلنا نكافح لنواصل المسير.
عاصفة هزت كياني، نعم، لكنها جعلتني أستيقظ على أشياء كثيرة لم أكن أراها. جعلتني أرى الحياة بشكل مختلف، بمنظور لم يكن في بالي من قبل. رأيتها كما هي، بكل قسوتها وجمالها، بكل خسائرها وهداياها، بكل ما تأخذ وما تمنحني إياه.