الحبّ الأوّل: صدقٌ خالد أم مجرّد إحساس عابر؟


✍️ بقلم: فايل المطاعني
1- مقدمة السؤال الأزلي
منذ فجر الإنسان، ظلّ “الحبّ الأوّل” لغزًا عصيًّا على التفسير؛ هل هو الحقيقة التي تُصاغ بها قلوبنا، أم أنّه مجرّد شرارة عابرة تنطفئ حين يواجهها الواقع؟ سؤال يتردّد في ضمائر العشّاق عبر الأزمنة: هل يبقى الحبّ الأوّل حيًّا في الروح، أم أنّه وهج البدايات سرعان ما يخبو؟
2- قوة البدايات
الحبّ الأوّل هو ارتعاشة القلب الأولى، هو الحرف الذي يعلّمه العاشق لقلبه قبل أن يتقن لغة العاطفة. في تلك اللحظة، يظنّ المرء أنّ الكون وُلد من جديد؛ الألوان أبهى، والأصوات أرقى، والروح مشدوهة أمام اكتشافها الأوّل. وربما تكمن قوة هذا الحبّ في كونه غير ملوّث بتجارب سابقة، فهو يأتي طاهرًا، صافياً، كجدول ماء لم يلمسه غبار.
3- بين الوهم واليقين
لكنّ السؤال يظلّ قائمًا: هل ما نشعر به في تلك البدايات هو حبٌّ حقيقي، أم انجذاب عاطفي يضاعفه بريق الجديد وغموض المجهول؟ كثيرون يرون أنّ الحبّ الأوّل ليس إلا اختبارًا مبكرًا للعاطفة، تمرينًا للقلب على ما سيأتي لاحقًا من خبراتٍ ونضوج. بينما آخرون يؤكدون أنّه الصدق في أنقى صوره، إذ لم تتدخل بعدُ الحسابات أو التجارب في تشويه معناه.
4- أثره الباقي
مهما قيل عن الحبّ الأوّل، يظلّ أثره عميقًا في الذاكرة. قد نفترق، وقد تتبدّل الطرق، لكنّ القلب يحتفظ دائمًا بصورة ذلك الوجه الذي استيقظت على ملامحه مشاعرنا الأولى. إنّه بصمة روحية، قد لا تعني العودة، لكنّها تعني أنّ شيئًا في داخلنا تغيّر إلى الأبد.
5- الخاتمة
الحبّ الأوّل، إذن، هو مزيج من الصدق والعاطفة، من الوهم واليقين. قد لا يدوم كشكلٍ من أشكال الحياة اليومية، لكنه يبقى في أعماقنا حجر الأساس الذي بُنيت عليه تجاربنا اللاحقة. وربما في هذا المعنى تكمن عظمته: أنّه لا يُنسى، وإن تجاوزناه.
✨ الحبّ الأوّل لا ينطفئ، إنّه يختبئ فقط في أعماقنا، ليذكّرنا أنّ القلب خُلق ليحبّ قبل أن يتعلّم كيف يحيا.