رؤية وطن: ثمانية أعوام من التحول الاستراتيجي والنهضة الشاملة


محمد منيع ابوزيد
في الذكرى الثامنة للبيعة الميمونة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وليًا للعهد ورئيسًا لمجلس الوزراء، في لحظة تاريخية فارقة تُسجل بأحرف من نور في سجل المملكة العربية السعودية، مُشكلة نقطة انطلاق حقيقية نحو آفاق رحبة من التطور والتقدم.
لقد مثلت هذه السنوات الثمانية حقبة استثنائية في مسيرة الوطن، اتسمت بالعزم والحزم والإرادة الصلبة للتغيير الإيجابي، حيث تم خلالها إطلاق منظومة متكاملة من الاستراتيجيات والخطط الوطنية الطموحة التي تعيد تشكيل ملامح الحاضر وترسم خارطة طريق واضحة للمستقبل. وقد تبلورت هذه الرؤى الاستراتيجية في مشروع وطني شامل هو رؤية المملكة 2030، التي أرست دعائم متينة لتحول جذري في البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة.
على المستوى الاقتصادي، شهدت المملكة تحت القيادة الحكيمة لسمو ولي العهد تحولات هيكلية عميقة وجوهرية، تجلت في تبني سياسات اقتصادية مبتكرة تهدف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على مصدر واحد للدخل، وتفعيل دور القطاع الخاص ليكون شريكًا أساسيًا في عملية التنمية، وتطوير منظومة البنية التحتية بمعايير عالمية، وإطلاق سلسلة من المشروعات الاستراتيجية العملاقة التي تمثل رافدًا أساسيًا للتنمية المستدامة وتعزز من القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني. وقد أثمرت هذه الجهود المتواصلة عن تعزيز مكانة المملكة على خريطة الاقتصاد العالمي، وتحسين تصنيفها في مؤشرات التنافسية الدولية، وزيادة جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية.
أما في المجال الاجتماعي، فقد أولت القيادة الرشيدة اهتمامًا بالغًا بتحقيق التنمية الاجتماعية المتوازنة، من خلال تمكين جميع فئات المجتمع من المشاركة الفاعلة في مسيرة البناء والتطوير، وإحداث نقلة نوعية في قطاعات التعليم والصحة والإسكان، وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، وتحسين جودة الحياة، وتوفير فرص عمل مجزية للمواطنين. كما تم تكريس جهود استثنائية لتنمية القدرات البشرية الوطنية وصقل مهاراتها، انطلاقًا من الإيمان الراسخ بأن العنصر البشري هو الثروة الحقيقية للوطن والمحرك الرئيسي لعجلة التنمية والتقدم.
وعلى صعيد السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، نجحت المملكة في تعزيز حضورها الإقليمي والدولي كقوة محورية فاعلة ومؤثرة، من خلال انتهاج سياسة خارجية متزنة وحكيمة تقوم على أسس راسخة من الاحترام المتبادل وتعزيز المصالح المشتركة والتعاون البناء. وقد أسهمت هذه السياسة المتوازنة في ترسيخ دور المملكة كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة، وكداعم رئيسي للقضايا العادلة للأمتين العربية والإسلامية في المحافل الدولية.
إن ما يميز هذه المرحلة التاريخية هو النهج الاستراتيجي المتكامل والرؤية الشمولية التي تجمع بين الأصالة والحداثة، وبين المحافظة على الهوية الوطنية والإسلامية والانفتاح على معطيات العصر ومستجداته، وبين الطموحات الكبيرة والواقعية في التنفيذ، وبين سرعة الإنجاز والدقة والإتقان. فقد استطاعت قيادة المملكة أن توازن بين الحفاظ على القيم والثوابت الوطنية والإسلامية الأصيلة، وبين الانفتاح على التجارب العالمية الناجحة والاستفادة من التقنيات الحديثة وتوظيفها في خدمة أهداف التنمية الشاملة.
إن الإنجازات المتتالية التي تحققت خلال هذه السنوات الثمانية، على الرغم من التحديات الإقليمية والدولية المتلاحقة، تعكس الرؤية الثاقبة والحكمة المتناهية للقيادة، كما تعكس روح المثابرة والعزيمة والإصرار التي يتحلى بها الشعب السعودي وقدرته على مواكبة التغيير والمساهمة بفاعلية في صناعة مستقبل وطنه. وهي إنجازات تضع المملكة على الطريق الصحيح نحو تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030، وتمهد السبيل لمرحلة جديدة من النمو والازدهار والرخاء.
في هذه المناسبة الوطنية الغالية، نجدد العهد والولاء لقيادتنا الرشيدة، ونؤكد التزامنا الراسخ بمواصلة العمل الدؤوب والجاد لتحقيق تطلعات الوطن والمواطن. ونبتهل إلى المولى عز وجل أن يحفظ سمو ولي العهد بعنايته ورعايته، وأن يسدد خطاه ويوفقه لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يديم على المملكة نعمة الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار.
إن ذكرى البيعة الثامنة ليست مجرد مناسبة للاحتفاء بالمنجزات والمكتسبات، بل هي محطة للتأمل والتفكر والتخطيط للمستقبل، وحافز قوي لمزيد من البذل والعطاء والتفاني في خدمة هذا الوطن المعطاء وتحقيق طموحات قيادته الحكيمة وشعبه الوفي، لتظل المملكة العربية السعودية دائمًا وأبدًا منارة للعزة والكرامة، ومنبعًا للخير والعطاء، ونموذجًا للتقدم والازدهار.