Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

ليلى طرابيشي… حين يتحول المطبخ إلى قصيدة من حب ودهشة

محمد منيع ابوزيد

محمد منيع ابوزيد

هي ليست مجرد شيف عابرة في فضاء النكهات، بل امرأة تحمل فلسفة خاصة في الطبخ، تراه لغة من لغات الجمال، وأسلوب حياة لا يفهمه إلا من يعرف أن الطعام يمكن أن يكون ذاكرة ووجدانًا.

من بين بخار الأواني وضوء الأفران، ولدت حكاية ليلى طرابيشي، التي جعلت من المطبخ مسرحًا للإبداع، ومن الطهي رسالة إنسانية تُروى على نار الهدوء، بنَفَس طويل من الإتقان والشغف.

هي مدربة طهي معتمدة، ومحكّمة محلية ودولية، وصاحبة بصمة مميزة في عالم المخبوزات وفنون الطهي، لكنها قبل كل ذلك إنسانة تصنع الجمال من التفاصيل البسيطة.

ليلى، قبل أن نبدأ الحديث عن عالمك المهني، لو عدنا قليلًا إلى البداية… كيف بدأت علاقتك بالمطبخ، ومتى أدركتِ أن الطهي ليس مجرد هواية؟

نشأت في بيت جدي وجدتي، وكنت أراها كل يوم تطبخ، وكان طعامها لذيذًا والكل يمدح فيه، لكن كطفلة كان يُمنع عليّ لمس أي شيء في المطبخ، ومع ذلك تعلمت منها بالنظر فقط.

وبعد أن كوّنت عائلتي، اكتشفت أنني أملك حب الطبخ، وكنت دائمًا أحرص على معرفة رأي عائلتي في كل طبق، فولد لديّ حب الإبداع والاستمرار.

عندما نشاهدك اليوم، نراك أمام أطباقك كما يقف الرسام أمام لوحته. من أين تستمدين الإلهام في كل طبق تقدمينه؟

من كل نجاح وإبداع سابق يلهمني الاستمرار والتميز.

ما الذي يميز فلسفة “ليلى طرابيشي” في الطهي؟ وكيف تصفين أسلوبك لمن لا يعرفك بعد؟

الطهي بالنسبة لي هو شغف وإتقان وإبداع، ثم تميز.

بصفتك محكّمة ومدربة دولية، كيف تنظرين إلى تطور مشهد الطهي في السعودية والعالم العربي؟ وما الذي يلفت انتباهك في هذا الجيل الجديد من الطهاة؟

العالم العربي غني بالأطباق المختلفة ذات النكهات المميزة التي تُميّز كل شعب.

أما الجيل الجديد، فهو مبدع في فنون الطهي، متسلّح بالعلم والمعرفة، ومستمر في التطور.

المطبخ السعودي حاضر دائمًا في بعض أعمالك ودوراتك، وهو إرث غني ومتنوّع يعكس روح المكان وتاريخه. كيف تتعاملين مع هذا الموروث؟ وكيف يمكن للمطبخ الحجازي أن يعيش بروح عصرية دون أن يفقد هويته الأصلية؟

المطبخ السعودي ثري جدًا بتنوعه الثقافي الممتد عبر مناطق المملكة، وكل منطقة تحمل نكهتها الخاصة وتاريخها في كل طبق.

هذا التنوع يجعل من المطبخ السعودي لوحة فنية غنية بالألوان والنكهات، تعبّر عن عمق المجتمع السعودي وتاريخه العريق.

أشعر بالفخر عندما أقدّم أطباقًا سعودية، لأنها ليست مجرد طعام، بل حكاية وطن وموروث أصيل يجمع بين الكرم والذوق والإبداع.

أما المطبخ الحجازي تحديدًا، فهو متجدد بطبيعته، وقد استطاع أن يحافظ على أصالته رغم تطور الزمن، وما زلت أقدمه بطريقته التقليدية مع لمسة عصرية خفيفة، لأحافظ على نكهاته وروحه كما عرفناها من أمهاتنا وجدّاتنا.

كثيرون يربطون اسمك بفن المخبوزات والخبز الطبيعي “الساوردو”. ما الذي جذبك إلى هذا المجال تحديدًا؟ وماذا يمثل لك على المستوى الشخصي؟

بطبيعتي أميل إلى كل ما هو صحي ولذيذ ومفيد لأجسامنا.

ومنذ أن عرفت فوائد الساوردو لم أتركه، وما زلت أجرّب منتجات جديدة.

نحن نأكل كل يوم، فلماذا لا نأكل المفيد والطيب؟

التدريب والتعليم أحد محاور مسيرتك. ما الذي تحرصين على غرسه في المتدربين والمتدربات أثناء ورشاتك؟

أحرص على غرس حب ما يتعلمونه، وأن يتقنوا عملهم بإخلاص.

كما أؤكد على أهمية الحفاظ على إرثنا الطهوي، والعودة إلى الطعام الطيب النظيف العادل، فما أجمل من طعام البيت.

من خلال تجربتك الطويلة، ما الفارق بين من يطبخ ليُطعم الناس، ومن يطبخ ليُلامس قلوبهم؟

الفرق كبير وواضح.

دائمًا أقول لمتدرباتي: “إذا لم تحبي الطبخ، فلا تكملي”، لأن الطبخ طاقة تنتقل منكِ للآخرين عبر الطعام المصنوع.

في رحلتك المهنية، لا بد أنك واجهتِ تحديات. ما أبرز تلك المحطات التي شكّلت شخصيتك وأثبتت لك أن النجاح لا يأتي صدفة؟

أنا صاحبة رسالة وعندي هدف، ولابد أن أوصل رسالتي وأحقق هدفي، فكانت هذه القناعة سلاحي في كل مرحلة أمر بها.

كثير من المتابعين يرونك مصدر إلهام. كيف تتعاملين مع هذا التأثير؟ وهل تحسين بمسؤولية تجاه الجيل الجديد من النساء اللواتي يدخلن عالم الطهي؟

أتمنى أن أترك بصمة في عالم التدريب الطهوي.

وسعادتي كبيرة عندما أتعامل مع الجيل الجديد وأشعر بحبهم للتعلم، لذلك أشعر بمسؤولية تجاههم ولا أتركهم حتى يتقنوا بحب كل ما تعلموه.

كيف ترين مستقبل الطهي السعودي والعربي خلال السنوات القادمة؟ وهل نحن أمام جيل قادر على تحويل المطبخ إلى مساحة ابتكار عالمية؟

فعلاً، المستقبل قادم بجيل متعلم، مثقف، مبدع، مبتكر، وشغوف… والحمد لله على ذلك.

بعين الفنانة، ما هو الطبق الذي يعبر عنك؟ ولماذا؟

قد لا يكون طبقًا واحدًا، بل مجموعة أطباق تعبّر عني، خصوصًا أطباق أهل المدينة التي أعتبرها فخمة وتستحق أن تستمر وتبرز للعالم.

منها الأطباق المرتبطة بسفرة رمضان مثل البريك الفرد، واللحوح، والسلات المديني، وحاليًا منتجات الساوردو.

فطعام أهل المدينة له مكانته الاجتماعية والتاريخية عبر الأجيال، أما الساوردو فهو شيء فخم يستحق أن أُعطيه من طاقتي وأنشر ثقافة الأكل المفيد لكل العالم.

لو أتيح لكِ أن تختصري فلسفتك في الحياة وفي الطبخ بكلمة واحدة، ما هي؟

“الحب”

في حضورها شيء من السكينة، وفي كلماتها طمأنينة تُشبه رائحة الخبز حين يخرج من الفرن.

ليلى طرابيشي ليست فقط شيفًا تصنع الطعام، بل امرأة تصنع الدهشة والذكريات.

من المطبخ السعودي بكل تنوّعه إلى المطبخ الحجازي بأصالته ودفئه، ومن الشغف إلى التميز، تمضي بخطوات واثقة نحو مساحة نادرة تجمع بين الذوق والفكر، لتقول لكل امرأة:

“اصنعي ما تحبين، وامنحيه قلبك، فالحب هو المكوّن السري لكل نجاح.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى