Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
من ذكراهم

حمزة بن محمد بن سليمان شيرة.. أول عمدة لباب المجيدي ورائد العمل الخيري في المدينة المنورة

محمد منيع ابوزيد

محمد منيع ابوزيد

في ذاكرة المدينة المنورة، حيث تتعانق الروحانية بالتاريخ، وتفوح من أزقتها عبق الرسالة وأصالة المكان، تظل أسماء الرجال الذين خدموا أهلها ووقفوا حياتهم على مصالح الناس ماثلة لا تُنسى. ومن بين هؤلاء الأعلام البارزين، يبرز اسم الشيخ حمزة بن محمد بن سليمان شيرة رحمه الله  بوصفه واحدًا من الشخصيات التي أسهمت بجهودها الهادئة وعطائها الصادق في صناعة ملامح المدينة الاجتماعية والإدارية في بدايات العهد السعودي.

 النشأة والبدايات في قلب المدينة

وُلد الشيخ حمزة شيرة في المدينة المنورة عام 1322هـ في حيّ الرَّبع – باب السلام، أحد أعرق أحياء المدينة القديمة التي كانت تحتضن نخبة من العلماء والتجّار والأسر المدنية المعروفة. في ذلك الحي العريق، وتحديدًا في البيوتات التي تعلو سقيفة الرصاص، نشأ وسط مجتمع مترابط ومن جيرانه آنذاك: عبدالعزيز بري، عبدالملك نعمان، علي كابلي، محمد أحمد الهندي، أحمد علي كابلي، عالم جان، محمد قطيم، ومحمد نوار.

تلقّى تعليمه الأول في كتّاب الشيخ إبراهيم الطرودي، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة وأصول العلوم الدينية، وهو ما أسس لشخصيته المتدينة الهادئة التي عُرفت بحب الخير وخدمة الناس.

 باب المجيدي.. محطة التحوّل الكبرى

في عام 1326هـ انتقل الشيخ حمزة إلى حارة باب المجيدي بعد أن اشترى والده الشيخ محمد شيرة رحمه الله دارًا هناك. وهناك، في قلب أحد أشهر أحياء المدينة، تفتحت أمامه أبواب العمل الاجتماعي والتطوعي، وتوطدت علاقاته مع عدد من الأسر المدنية العريقة مثل: آل المدني، السيد عارف أسعد، حسن وصالح خاشقجي، صدقة عقاد، إبراهيم جمل الليل، أحمد حواله، صالح وعابدين حماد، محمد سعيد دفتردار، وعبدالرحمن أبو عزة.

 الأسرة.. امتداد العطاء

عرف الشيخ حمزة بحرصه الكبير على تعليم أبنائه وتربيتهم على القيم النبيلة وحب الوطن وخدمة المجتمع. وقد أنجب عددًا من الأبناء الذين واصلوا مسيرة العطاء كلٌّ في ميدانه:

  • أسعد: مدير عام إدارة الأوقاف بالمدينة المنورة.
  • طلعت: مستشار في وزارة الخارجية.
  • جمال: رجل أعمال وتاجر.
  • عصام: مستشار في مجموعة دله البركة.

كما أنجب ثلاث بنات هن: حياة، نجاة، وأميمة.

 العمل الخيري.. رسالته الأولى

كان الشيخ حمزة شيرة من الشخصيات المدنية التي أدركت مبكرًا أهمية التكافل الاجتماعي في حياة المدينة، فساهم بفعالية في تأسيس ودعم المبادرات الخيرية، إذ عُيِّن عضوًا في جمعية توزيع الصدقات لفقراء باب المجيدي، ثم تولّى رئاستها حتى عام 1379هـ. وكانت الجمعية تضم نخبة من وجهاء المدينة، منهم: السيد عقيل جمل الليل، الشيخ أحمد حواله، والشيخ حسن خاشقجي.

ولم يكن العمل الخيري بالنسبة له منصبًا أو مسؤولية، بل رسالة. فقد تطوّع مع نخبة من أبناء المدينة في خدمة ونظافة المسجد النبوي الشريف، سعيًا لنيل شرف خدمة المسجد وزوّاره، وكان إلى جانبه في هذا العمل الشريف: الشيخ إبراهيم شيرة، المشايخ عمر وحسن ومحمد خاشقجي، عثمان سنبل، حمزة براده، عمر حجار، حمزة كابلي، عبدالرزاق نجدي، حمزة أبو الظاهر، ويوسف معصوم.

 أول عمدة لباب المجيدي في العهد السعودي

جاءت الثقة الملكية تتويجًا لمسيرة طويلة من الخدمة والعمل الصادق، فعُيِّن الشيخ حمزة شيرة أول عمدة لحارة باب المجيدي في العهد السعودي، وهو منصب رفيع يعكس مكانته الاجتماعية وثقة الدولة في قدرته على إدارة شؤون الحي بحكمة وعدل.

وقد عُرف – رحمه الله – بصفاته القيادية وأسلوبه الأبوي في التعامل مع الأهالي، فكان بيته مقصدًا للمحتاجين والباحثين عن النصيحة، وملجأً لحل النزاعات وتسوية الخلافات.

 الختام.. إرث خالد في ذاكرة المدينة

ظلّ الشيخ حمزة بن محمد بن سليمان شيرة وفيًّا لمدينته وأهلها حتى آخر أيامه، إلى أن وافاه الله تعالى عام 1380هـ، ودُفن في بقيع الغرقد، تاركًا خلفه إرثًا خالدًا من الخير والإصلاح والوفاء.

ولم تكن مسيرته مجرد سطور في تاريخ المدينة، بل كانت ترجمة حيّة لقيمها الأصيلة وروحها الخيّرة. واليوم، بعد مرور عقود على رحيله، يبقى اسمه حاضرًا في ذاكرة المدينة المنورة كأحد رجالها المخلصين الذين ساهموا بصمت في بناء مجتمعها الحديث وخدمة أهلها وبيوت الله فيها

رحم الله الشيخ حمزة بن محمد شيرة، وجزاه عن المدينة وأهلها خير الجزاء، وجعل ما قدّمه في ميزان حسناته، وأبقى أثره الطيب شاهدًا على سيرة رجلٍ عاش للناس وخدم وطنه بإخلاص وصدق

المصدر: عصام بن حمزة شيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى