مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميّز في التعليم يعقد ورشة إقليمية افتراضية حول سياسات دعم الجودة والتميّز في اتخاذ القرار التربوي

منى يوسف حمدان الغامدي
عبر الاتصال المرئي – نظّم مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميّز في التعليم، ومقره المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع وزارة التربية بالجمهورية التونسية، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025م، الورشة الإقليمية الموسّعة بعنوان:
“سياسات دعم الجودة والتميّز في صناعة واتخاذ القرار لدى قيادات التعليم العام في الدول العربية”، وذلك عبر الاتصال المرئي من تونس، برعاية وحضور معالي السيد نور الدين النّوري، وزير التربية التونسي، وبمشاركة نخبة من القيادات والخبراء والمختصين من الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية.
افتتاح الورشة ودور المركز
افتتحت الورشة بكلمة مدير عام المركز الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم المديرس، الذي أوضح أن هذا اللقاء يأتي امتدادًا لجهود المركز في دعم تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (SDG4)، وتعزيز الدور العربي في تطوير السياسات التعليمية المبنية على الأدلة والبيانات. وأكد أن المشروع الذي يقوده المركز توصّل إلى إطار علمي متكامل للحوكمة والجودة والتميّز في التعليم يقوم على أربعة مرتكزات رئيسة: الشفافية، الكفاءة، المساءلة، والاستدامة، مدعومًا بمصفوفة التنبؤ الإسقاطي لجودة البيانات الإحصائية التي تمكّن القيادات التعليمية من متابعة الأداء واتخاذ قرارات مبنية على النتائج.
كلمة وزير التربية التونسي
وفي كلمته، عبّر معالي السيد نور الدين النوري عن تقدير بلاده لاستضافة هذه الورشة افتراضيًا بوصفها فضاءً عربيًا لتبادل الخبرات واستشراف السياسات، مؤكدًا أن تونس تتبنّى مسارًا إصلاحيًا يرتكز على مبادئ الحوكمة الرشيدة لضمان جودة المخرجات التعليمية وفاعلية القرار على المستويين المركزي والجهوي.
واستعرض معاليه أبرز مبادرات الوزارة، ومنها توسيع اللامركزية، وتعزيز الهياكل الرقابية، واعتماد مقاربة التصرّف حسب الأهداف، ورقمنة الإدارة التعليمية من خلال لوحات قيادة متطورة، بالإضافة إلى إنشاء المجلس الأعلى للتربية وإطلاق الاستشارة الوطنية لإصلاح التعليم. وشدد على أن هذه الخطوات تمثل تحولًا ثقافيًا ومؤسسيًا يعيد تنظيم العلاقة بين المركز والجهات، ويؤسس لمنظومة تربوية أكثر مرونة واستدامة.
من “علم التنفيذ” إلى “التنفيذ التكيفي”
قدّم الدكتور مارتين بنافيدس، مدير المعهد الدولي للتخطيط التربوي بمنظمة اليونسكو (IIEP)، الورقة الرئيسة بعنوان: “من علم التنفيذ إلى التنفيذ التكيفي – From the Science of Delivery to Adaptive Implementation”، مؤكّدًا أهمية الانتقال من النماذج التقليدية إلى نهج تكيفي يقوم على التعلم والتحسين المستمر.
استعراض المخرجات وأبرز التجارب الدولية
أدار الجلسة الرئيسة الدكتور عبد السلام الجوفي، وشهدت استعراض مخرجات المشروع البحثي للمركز، حيث قدمت الدكتورة عائشة الأحمدي عرضًا لأهداف المشروع ومنهجيته، تلاها الدكتور سهيل الصيد الذي استعرض أبرز الممارسات الدولية في دول مثل فنلندا، سنغافورة، اليابان، إنجلترا، وكندا.
الإطار المرجعي الجديد
وقدمت الدكتورة فاطمة رويس، نائب مدير عام المركز، الإطار المرجعي التطويري لسياسات دعم الجودة والتميّز في اتخاذ القرار لدى القيادات التعليمية، والذي يقسم العملية إلى أربعة محاور مترابطة:
- العوامل البشرية والتنظيمية.
- نظم المعلومات الإدارية (MIS).
- البحوث والدراسات العلمية.
- إدارة التميّز وتحويل القرارات إلى منظومة منهجية قابلة للقياس.
كما استعرضت أفضل الممارسات الدولية في كل محور، مبيّنة التجارب الرائدة في إنجلترا، فنلندا، اليابان، كوريا الجنوبية، أونتاريو، وسنغافورة، إضافة إلى طرق استخدام نظم المعلومات الإدارية والبحوث العلمية لدعم القرار التعليمي.
توصيات استراتيجية وخارطة طريق
تناول العرض كذلك صورة الواقع العربي والتحديات التي يواجهها، وأبرز غايتين استراتيجيتين:
- تطوير آلية صناعة القرار وبيئته عبر تحديث الفكر الإداري وبناء القدرات القيادية.
- دعم البنية المعلوماتية اللازمة لصناعة القرار وتحديث التشريعات الخاصة بالبيانات.
كما قدّم المشاركون أدوات تشغيلية مقترحة مثل لوحات المتابعة والتنبؤ، والبروتوكولات البحثية، ونماذج التقييم الذاتي، إلى جانب مؤشرات أداء عملية لقياس أثر السياسات وجودة القرارات.
البيان الختامي
في ختام الورشة، ألقى السيد خليفة الميلي، مدير عام التقييم والجودة بوزارة التربية التونسية، كلمةً شكر فيها المركز على اختياره تونس كنقطة انطلاق افتراضية لهذا اللقاء العربي، مؤكدًا أن مخرجاته ستُسهم في تطوير نظم التعليم العربية.
وأكد البيان الختامي على أهمية:
- إنشاء منظومات رقمية تربط مستويات النظام التعليمي.
- تفعيل مراكز الفكر والبحوث المستقلة.
- تطوير القيادات التعليمية بالكفاءة لا بالأقدمية.
- تعزيز الشراكة المجتمعية والحوكمة الشفافة.
كما أوصى المشاركون بترسيخ الحوكمة، وبناء قيادات قادرة على اتخاذ قرارات مستنيرة، مثمّنين دعم المملكة العربية السعودية وقيادتها للمركز، وشاكرين وزارة التربية التونسية على التعاون والشراكة.
وفي الختام، شدّد المشاركون على أن الاستثمار في جودة القرار التربوي هو الاستثمار الأذكى في مستقبل التعليم العربي، وركيزة لبناء نظم تعليمية أكثر تميّزًا وعدالة واستدامة



