Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
من ذكراهم

ليلة وفاء وامتنان لقامة تربوية خالدة: الدكتور بهجت بن حمود جنيد

منى يوسف حمدان الغامدي

منى يوسف حمدان الغامدي

برعاية كريمة من سعادة المدير العام للتعليم بمنطقة المدينة المنورة الأستاذ ناصر العبدالكريم، نظّمت جمعية الإدارة القيادية للموارد البشرية لقاءً نوعياً خُصِّص لتسليط الضوء على سيرة أحد أعلام التربية والإدارة في المملكة، رجلٍ شهد له التاريخ والمكان والزمان والإنسان بما قدّمه لوطنه بإخلاص وتفانٍ، وبتفوّق في الأداء وجودة العمل، إنه الدكتور بهجت بن حمود جنيد – رحمه الله – الذي سيبقى رمزاً مضيئاً في ذاكرة التعليم.

ليلة حب ووفاء

اللقاء كان بمثابة ليلة حب ووفاء وعرفان لرجلٍ ترك بصمات خالدة في مسيرة التعليم، جمعت أهله ومحبيه وزملاءه وقادة التعليم في المدينة المنورة يتقدمهم سعادة المدير العام. وقدّمتُ من ينبع خصيصًا لإكرام هذا الرجل العظيم في قبره، فهو الأب الروحي لي وصديق وأخ لوالدي – رحمهما الله –، وإكراماً لزوجته الغالية التي كانت بمثابة الأم والقلب الحنون، وتقديراً لأبنائه وبناته الكرام الذين اعتبروني من أهلهم وخاصتهم.

ما أجمل أن تبقى صلة الود ممتدة مع أهل الأب والأم بعد رحيلهم، وما أروع أن يجمعنا الحب في الله والوفاء لمن منحونا من أرواحهم وأخلاقهم الكثير.

رمز خالد في ذاكرة التعليم

في هذه الليلة التي أُطلق فيها اسم الدكتور بهجت بن حمود جنيد على بوابة القاعة لتكون منارة علمٍ عبر السنين، أيقنت أن الناس شهود الله في أرضه. لم يكن أهل الدكتور وحدهم من افتقدوه، بل كل من عرفه وتعامل معه يشهد له بخلقه الرفيع وفكره النيّر وعطائه المتجدد اللامحدود.

جلسة حوارية ثرية

تخللت الأمسية جلسة حوارية أدارها الدكتور منصور الحارثي، وجمعت نخبة من الشخصيات التربوية:

  • معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز جنيد – مدير جامعة الملك فيصل سابقًا – تحدّث عن السيرة الذاتية والإنجازات الكبرى للراحل.
  • الدكتور ثابت جنيد – مدير مكتب تعليم جنوب المدينة سابقًا – تناول القصص الملهمة وتجارب القيادة.
  • الأستاذ صالح المحميد – قائد تربوي متقاعد – تحدّث عن الإرث وفلسفة الإدارة التي تميّز بها الدكتور جنيد.

مداخلة وفاء ومسيرة مهنية

في ختام اللقاء، طلبتُ المداخلة وأصررت عليها وفاءً لرجلٍ له في عنقي فضل لا أنساه ما حييت. لقد أكرمني الله بصحبته في ميدان التعليم، حتى وإن لم أعمل تحت قيادته مباشرة.

من أبرز المواقف التي لا تُنسى في مسيرتي المهنية كانت في عام 1425هـ، حين قدمتُ بحثًا وورقة عمل في اللقاء السادس للصحة المدرسية، وتمت الموافقة عليها من الوزارة. غير أن مديرتي حينها منعت مشاركتي لأسباب إدارية. توجهت لوالدي الذي نصحني باللجوء إلى الدكتور بهجت، فكان رده الحاسم: “أبشري بالخير، وأنتِ صاحبة حق”. وبالفعل تدخّل وتواصل مع مدير تعليم ينبع، فتم السماح لي بالمشاركة ونلت شهادتين تقديريتين: واحدة وزارية وأخرى بتوقيعه شخصيًا.

هذا الموقف علّمني أن صاحب الحق ينال حقه بالأدب والخلق ووفق الأنظمة، وأن الإنجاز الحقيقي لا يتحقق إلا بالعمل لا بالشكوى.

شغف الموهبة والمبادرات النوعية

عملتُ مع الدكتور في مجال الموهبة وكنتُ عضوة في جمعية الموهوبين، واستقيت من علمه وشغفه الكثير. وعندما شاركت في تأسيس قسم الموهوبات في تعليم البنات بينبع، كنت أول مشرفة فيه وشكّلت فريق العمل وأدرت أول ملتقى صيفي للموهوبات الذي حظي بإشادة وفد وزاري.

كما عملتُ معه في جمعية المدينة لتنمية المجتمع، ورشّحني الدكتور حاتم طه – رحمه الله – لرئاسة الفريق النسائي في المراصد الحضرية بمحافظة ينبع.

مشروع المدارس الرائدة.. بصمات لا تُنسى

لكن التجربة الأهم كانت في مشروع المدارس الرائدة الذي كان الدكتور بهجت عرّابه الحقيقي. وعندما كُلِّفتُ بإدارة المشروع من قِبل الأستاذ حامد السلمي، لجأتُ إليه فغمرني بدعمه وكرمه، إذ شارك بنفسه ومعه كبار قيادات التعليم في المدينة، يتقدمهم الدكتور عبدالعزيز كابلي والدكتور خالد الوسيدي، إضافة إلى الأستاذين صالح المحميد وحسن علام، حيث كانوا يتوجهون منذ الفجر إلى ينبع لدعم المشروع ميدانياً.

وفي قاعة صغيرة بجمعية رضوى النسائية، تم تدريب 50 قيادية من مديرات ومعلمات وإداريات المدارس الرائدة، في حدثٍ سيظل علامة فارقة في تاريخ تعليم البنات في ينبع، وشاهداً على قصة وفاء تُسطر بماء الذهب بين أهل العلم والخير.

إرث خالد ورجال عظماء

لقد أكرمني الله بمواقف عديدة مع الدكتور – رحمه الله –، حتى خصصت له صفحة في كتابي الأول «صناعة المرأة القيادية برؤية مستقبلية» ضمن فصل بعنوان «رجال عظماء في حياتي»، فهو بحق من هؤلاء العظماء.

رحم الله الدكتور بهجت بن حمود جنيد، صاحب الإرث الكبير والتاريخ المجيد والسيرة العطرة التي لا تمحوها السنين، وحفظ الله أسرته الكريمة التي أتشرف بقربها وصحبتها ما حييت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى